بملفات معقدة.. دبلوماسية الصين تُربك النفوذ الأميركي في 2023
كانت الدبلوماسية الصينية حاضرة بقوة خلال عام 2023 باختراقها أزمات كانت حكرا على الولايات المتحدة، ونجاحها في طي سنوات الخلاف بين السعودية وإيران، واتخاذها موقفا مغايرا لواشنطن في حرب غزة، بجانب استمرار توسعها التجاري في الشرق الأوسط وإفريقيا. ويعرض موقع "سكاي نيوز عربية"، أبرز نقاط التواصُل بين بكين والمنطقة في هذا العام، الذي نودعه بعد ساعات قليلة:
استضافت بكين في مارس، اجتماعا لوزير الدولة مستشار الأمن الوطني السعودي، مساعد بن محمد العيبان، والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، صدر عنه بيان مشترك عن الاستعداد لحل الخلافات عبر الحوار، والالتزام باحترام سيادة الدول، مع إعادة فتح سفارتيهما. كانت الولايات المتحدة هي المسيطر الأول على هذا الملف لعقود، لكنها لم تسهم في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وفضّلت التعامل مع إيران وردعها بسلاح العقوبات
وألقت المصالحة بظلالها على كثير من الملفات في الشرق الأوسط، لا سيما تهدئة الحرب الجارية في اليمن منذ عام 2015,ركّز موقف بكين منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر على إدانة الحرب، خاصّة بعد أن طالت المدنيين. في 13 أكتوبر، قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، إن سبب الصراع بين إسرائيل وحركة حماس هو "الظلم التاريخي" الذي يتعرّض له الفلسطينيون والتأخير الطويل في تحقيق تطلعاتهم بإقامة دولة مستقلة، وذلك خلال لقائه مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل في بكين. أفشلت بكين بالتعاون مع موسكو في 25 أكتوبر، باستخدامها حق النقض "الفيتو"، مشروع قرار أميركيا في مجلس الأمن الدولي، يدين حركة حماس، ولا يتضمّن دعوة قوية لوقف إطلاق النار
لوضع حدّ للحرب، كرّرت الصين عدة مرّات استعدادها للوساطة بين إسرائيل وحماس، واجتمع مبعوث الصين الخاص إلى الشرق الأوسط، تشاي جون، بعدة أطراف، منها ممثلون لجامعة الدول العربية في بكين خلال أكتوبر. ترأس وزير الخارجية الصيني جلسة مجلس الأمن الدولي حول غزة، في 29 نوفمبر، وخلالها طالب بتحويل الهدنة المؤقتة لوقف دائم لإطلاق النار، مؤكّدا رفض بلاده التهجير القسري لسكان غزة
خلال الفترة من 21-24 سبتمبر، انعقدت الدورة السادسة لمعرض الصين والدول العربية في مدينة ينتشوان الصينية تحت عنوان: "عصر جديد وفرص جديدة ومستقبل جديد"، والخاص بتنشيط التبادل التجاري والاستثماري. في كلمته خلال المعرض، قال خالد حنفي، أمين عام اتحاد الغرف العربية، إن "الصين ظلّت الشريك التجاري الأول للمنطقة العربية في النصف الأول من عام 2023؛ حيث بلغ حجم التجارة الثنائية 199.9 مليار دولار خلال هذه الفترة"
في مايو، انعقدت الدورة الـ18 لاجتماع كبار المسؤولين لمنتدى التعاون الصيني العربي في مدينة تشنغدو الصينية، وعقد المسؤولون الصينيون حينها لقاءات مع قادة عدة دول لتبادل الآراء بشأن تعزيز التعاون في كل المجالات، واستعرض الاجتماع سير الأعمال منذ القمة الصينية العربية الأولى التي انعقدت عام 2022 في الرياض، وتنفيذ نتائجها. في يناير، زار وزير الخارجية الصيني حينها، تشين قانغ، مصر ومقر جامعة الدول العربية في القاهرة، لمتابعة تنفيذ نتائج القمة خلال لقاءاته الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ونظيره المصري، سامح شكري، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط
خلال عام 2023، نما التعاون بين بكين وإفريقيا، حتى بلغت التجارة الثنائية 140.9 مليار دولار خلال الفترة من يناير - يونيو بزيادة 3.1 بالمئة على أساس سنوي، وفق بيانات وزارة التجارة الصينية التي نشرتها وكالة أنباء "شينخوا" في نوفمبر. خلال نفس الفترة، ضخّت بكين استثمارات بقيمة 1.82 مليار دولار في كل القطاعات بإفريقيا، بزيادة 4.4 بالمئة على أساس سنوي، ووقعت عقودا جديدة لمقاولة مشروعات في بقيمة 28.4 مليار دولار، بارتفاع 7.64 بالمئة على أساس سنوي، حسب المصدر ذاته
يتوافق هذا الانتشار مع مبادرة "الحزام والطريق"، التي تهدف لربط بكين بالعديد من القارات عبر إنشاء طرق ومشروعات تسهّل حركة التجارة، وهو ما يُقابل بقلق أميركي كبير. في هذا الإطار، تركز الصين في استثماراتها على أخذ حقوق التنقيب عن المعادن التي تخدم تنافسها الصناعي مع الولايات المتحدة، ومنها المعادن اللازمة لصناعة البطاريات والألواح الشمسية، والموجودة في دول مثل زيمبابوي، التي تملك أكبر احتياطي غير مستغل من الليثيوم في القارة، والكونغو الغنية بالكوبالت
بجانب التجارة، تمدّ بكين جسر التعاون مع إفريقيا عسكريا، ففي أغسطس اجتمع المسؤولون الصينيون مع 50 مسؤولا دفاعيا من إفريقيا، خلال منتدى السلام والأمن الصيني الإفريقي الثالث، في بكين. يهدف المنتدى، حسبما ذكرت وزارة الدفاع الصينية في بيان، إلى "تعزيز التواصل الاستراتيجي مع وزارات الدفاع في إفريقيا، وبناء مجتمع صيني إفريقي ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد"
تُشير الصين بـ"العصر الجديد" في الغالب إلى العالم المتعدّد الأقطاب الذي تنشط مع عدة دول لإقامته، بديلا عن عالم القطب الأميركي الواحد. سبق أن أنشأت الصين أوّل قاعدة عسكرية لها في الخارج، وذلك في جيبوتي، عام 2017، وشاركت كذلك بقوات حفظ سلام في جنوب السودان ومالي، إضافة لقيامها بمهام تدريب وتسليح في عدة دول.
0 Comments: